فلسطين التاريخية تتوحد ضدّ العدوان
شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة على جانبي الخط الأخضر إضرابا عاما وشاملا، الثلاثاء 18 ماي 2021، وذلك تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على غزة والاعتداءات في القدس والتجييش العنصري ضد المواطنين العرب داخل الخط الأخضر، واستجابة لدعوة وجهتها لجنة المتابعة العليا لشؤون العرب الفلسطينيين داخل الخط الأخضر إلى كافة المواطنين في المدن والقرى والبلدات.
ونقلت الوكالة الفلسطينية للأنباء (وفا) أن الإضراب الشامل عمّ محافظات الضفة الغربية بما فيها القدس، وأراضي الـ48 “تنديدا بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا الفلسطيني”.
وأوضحت أن الإضراب شمل كافة مناحي الحياة التجارية، والتعليمية، بما فيها المؤسسات الخاصة والعامة، وأغلقت المدارس والجامعات أبوابها وكذلك المصارف، وتوقفت وسائل النقل العام.
ودعت حركة فتح والقوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية الفلسطينيين إلى النفير العام والخروج في مسيرات احتجاجية.
وقرر مجلس الوزراء الفلسطيني مشاركة موظفي القطاع العام في الإضراب، تعبيرا عن الغضب من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية وخاصة مدينة القدس المحتلة.
وإنّ الملاحظ في هذا العدوان أنّ قطاع غزة ليس بمعزل عن بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، ذلك أنّ فلسطينيي الداخل المحتل والقدس والضفة الغربية انتفضوا نصرة للقدس ولقطاع غزة ضدّ جرائم الكيان الصهيوني فيها.
وعلى الرغم من أنه كان ليوم واحد فإن إضراب الفلسطينيين الثلاثاء الفارط أعادهم إلى إضرابهم الشهير عام 1936، والذي استمر 6 أشهر وأدى بهم إلى إطلاق ثورتهم الكبرى ضد المحتل الإنجليزي.
ومهد لإضرابات خاضها الفلسطينيون لاحقا خلال انتفاضتهم المختلفة، ولا سيما انتفاضة الحجارة عام 1987، وانتفاضة الأقصى عام 2000.
وقد قدّم أهالي الضفة والخط الأخضر 27 شهيدا ويخوضون اشتباكات يومية مع الاحتلال نصرة لغزة والقدس وأصيب نحو 4 آلاف آخرين، منذ السابع من شهر ماي وفق ما نقلته قناة “الجزيرة” عن مصادر فلسطينية – لم تسمها-.
وإنّ التحركات التي يشهدها الداخل الفلسطيني ومختلف المناطق المحتلة دلّ على نشأة وعي جديد في التحركات الشعبية المقاومة للاحتلال بعيدا عن “إملاءات” القيادات التاريخية وأدائها فالجيل الثالث من الفلسطينيين يواصل على نهج النضال ضد المستعمر كاسرا حاجز الصمت الذي اعتقد الاحتلال أنّه أقامه على حدود الخط الأخضر.
فالشعب الفلسطيني فرض توحد فلسطين التاريخية في وجه العدوان والصمت عن محاصرة قطاع غزة جراء الانقسام الجغرافي بين حركتي فتح (السلطة الفلسطينية) وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) وفرضته قوات الاحتلال منذ 1967، والسياسي الذي فرضه اختلاف وجهات النظر بين فصائل المقاومة.
ولقد توحدت فعاليات الاحتجاج في رام الله والخليل ونابلس مع تظاهرات التعبير عن التضامن في اللد والجليل ومدن ساحل المتوسط فضلاً عن عشرات البلدات والقرى الفلسطينية الأخرى، فتحقق بذلك مقدار وافر من مضمون الشعار الذي رُفع مسبقاً، أي الإضراب من البر إلى البحر.
حيث قال رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في وادي عارة، أحمد ملحم، إننا “نتحدث عن هبّة شعبية عفوية قوامها الحراك الشبابي بالبلدات العربية، وهو حراك غير معهود وبعيد عن التنظيمات التقليدية، ويحمل رسالة للمؤسسة الإسرائيلية بإشعال شرارة غضب تراكمي، حيث بات واضحا أنه لا يمكن لأي أحد أن يتحكم ويسيطر على هذه الهبة”.
وأوضح ملحم في حديثه لـ “الجزيرة نت” أن ما يشهده الداخل الفلسطيني من احتجاجات ومسيرات يعكس بالأساس خوض معركة الوجود للشعب الفلسطيني الذي انتفض نصرة للقدس والأقصى، وقد اختارت الأجيال الشابة خوض المواجهات عبر هبة شعبية دفاعا عن النفس قبالة اعتداءات عصابات المستوطنين على الوجود الفلسطيني.
من جهته، وصف القيادي في الحركة الوطنية، سليمان أبو رشيد، الإضراب الشامل في فلسطين بالحدث التاريخي، ويعتقد أن الهبة الشعبية التي أشعلتها شرارات متراكمة من الغضب والظلم والاضطهاد تفرض معادلة جديدة جوهرها القدس والأقصى.